الحلقة الأولى
الاضطرابات
النفسية الجسمية
هذه
الاضطرابات شائعة وتتميز باختلال في وظائف الجسم ، وقد تحدث تغيرات في تركيبه ،
وهذا ينشأ من عوامل نفسية ، وإنّ أي اضطراب نفسي يؤدي إلى تغيرات جسمية ، فقد
يعاني الشخص من مشاكل أو ظروف غير طبيعية ، أو صراعات داخلية في الشخصية دون أن
يشعر بأعراض نفسية . والتوتر المصاحب للعوامل النفسية يؤثر على الجسم عن طريق
أجزاء من المخ والهيبوثلاموس ، وبواسطة أعصاب تعرف بالأعصاب السمبثاوية ، وأخرى
تعرف بالباراسمبثاوية ، وعن طريق الغدد الصماء . فتحدث تغيرات بالجسم تشمل زيادة
أو نقص إفرازات بعض الأعضاء كالمعدة ، أو قد يزيد أو ينقص نشاط عضو كما يحدث
لضربات القلب ، أو قد تتمدد الأوعية الدموية ، أو تنقبض ، وهذه التغيرات تكون
مؤقتة في البداية ثم تتحول إلى تغيرات دائمة كما يزيد الحامض بالمعدة ثم يؤدي إلى
قرحة بها .
من
هو المريض النفسجسمي ؟
المريض
النفسجسمي :
هو
من أصيب بأمراض نفسية ثم تحولت إلى أمراض عضوية ، أو هو من مرض عضو يتعلق بوظائف
الجهاز العصبي الذاتي .ويعتمد بالدرجة الأولى على عوامل نفسية ، لأن الجسم والنفس
وجهان ملتصقان لعملة واحدة ، وإن نقطة الالتقاء بينهما هي ( الدماغ ) باعتباره عضو
العقل الذي تصدر منه ( كافة الإيعازات التنظيمية ) لجميع أنحاء الجسم ، وفي الدماغ
تجري كافة العمليات من أفكار وعواطف وخطط وذكريات . وإن الشدائد النفسية هي نسبية
لارتباطها بتاريخ المريض ونشأته ، وشخصيته ، واستعداداته الوراثية ، والظروف
المحيطة به والشدة بما تحدثه من توتر داخلي تؤدي تخريبا عضويا ، أو خللا وتفرض على
المصاب تهديدا وتحديا ، وأحيانا أذى ومرضا جسميا هو في أصله وجذوره ذو مصدر نفسي .
التعليل
السببي لظهور المرض :
يرى
( كارل ياسبرز ) أن المرض ( النفسي الجسمي ) يظهر على شكلين :
أ ـ
علاقة آلية مكانية : وهي رد فعل يفوق الحد الاعتيادي من حيث القوة والاندفاع مثل
حدوث إسهال ، أو قيء على أثر انفعال شديد
ب ـ
علاقة إكتسابية بالمنعكسات الشرطية : وهي نوع من التكرار القائم على مبدأ (
المنعكس الشرطي ) فالإسهال الذي حدث نتيجة ( رعب شديد ) يمكن أن يعيد نفسه بدرجة
أقل . فالإنسان الذي رفع سماعة التلفون وتلقى نبأ مؤلم عنيف ثم سقطت يده في شلل
وظيفي ، هذا الشخص يمكن أن يصاب بوهن اليد والشلل كلما سمع نبأ مزعج .فهناك تكرار
وانتقال وتثبيت للمنعكس الشرطي .وتؤكد الباحثة النفسية ( دوتش ) أن العامل النفسي
دوما وراء الحوادث والكوارث المفاجئة ـ غير المتوقعة ـ وظروف الحرمان أو الشدة .
فالعضو المصاب نتيجة لذلك الأذى النفسي منذ الطفولة يصبح موضع انفعال دائم ويتكون
فيه ما يدعى ( عصاب العضو ) أمـا الطبيب ( الإكسندر ) فيؤكد بأن ( المرض
السيكوسوماتي ) هو ( صراع سايكو ـ ديناميكي ) يربط بين ( عقدة معينة ومرض معين ) ،
فعقدة الاتكال تولد قرحة المعدة ، وعقدة الفراغ عن الأم تولد الربو وهكذا....ويذهب
( إدلر ) إلى أن الشعور بالنقص في عضو معين يقود إلى المرض السيكوسوماتي .
ويركز
( التحليليون ) على خبرات المريض السابقة ، وتراكمها وتكرارها ، وبالذات ( خبرات
الطفولة ) كسبب حتمي في حدوث المرض السيكوسوماتي . ويرجع البعض إلى أن إصابة أحد
أفراد العائلة قد تكون واحدة من الأسباب .
ويرجع
بعض علماء النـمو السبب إلى ضعف في أحد أجهزة الجسم في مراحل التكوين والتطور
كالأمعاء ، أو المثانة ، أو المعدة ، مما يساعد على ظهور الأضرار في ذلك العضو .
وأكد بعض العلماء أن ضحالة النضج العاطفي والكبت الشديد والخوف من المسؤولية من
شأنها أن تقود صاحبها إلى المرض النفس ـ جسمي .
غدا
أكمل إن شاء الله تعالى