قلق النفسي
ما هو الفرق بين الخوف و القلق المرضى؟
الإحساس بالقلق والخوف هو رد فعل طبيعي وذو فائدة في المواقف التي تواجه
الإنسان بتحديات جديدة. فحين يواجه الإنسان بمواقف معينة مثل المقابلة
الأولى للخطوبة أو الزواج ، أو المقابلة الشخصية الهامة للحصول على عمل ،
أو يوم الامتحان ، فإنه من الطبيعي أن يحس الإنسان بمشاعر عدم الارتياح
والتوجس ، وأن تعرق راحتا يداه ، ويحس بآلام في فم المعدة . وتخدم ردود
الفعل هذه هدفًا هامًا حيث أنها تنبهنا للاستعداد لمعالجة الموقف المتوقع .
ولكن أعراض القلق المرضي تختلف اختلافًا كبيرًا عن أحاسيس القلق الطبيعية
المرتبطة بموقف معين. فأمراض القلق هي أمراض يختص الطب بعلاجها ولهذا
الاعتبار فإنها ليست طبيعية أو مفيدة .
وتشمل أعراض مرض القلق الأحاسيس النفسية المسيطرة التي لا يمكن التخلص منها
مثل نوبات الرعب والخوف والتوجس والأفكار الو سواسية التي لا يمكن التحكم
فيها والذكريات المؤلمة التي تفرض نفسها على الإنسان والكوابيس ، كذلك تشمل
الأعراض الطبية الجسمانية مثل زيادة ضربات القلب و الإحساس بالتنميل والشد
العضلي.
و بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض القلق التي لم يتم تشخيصها يذهبون إلى
أقسام الطوارئ بالمستشفيات وهم يعتقدون أنهم يعانون من أزمة قلبية أو من
مرض طبي خطير.
وهناك العديد من الأشياء التي تميز بين أمراض القلق وبين الأحاسيس العادية
للقلق ، حيث تحدث أعراض أمراض القلق عادة بدون سبب ظاهر، وتستمر هذه
الأعراض لفترة طويلة . ولا يخدم القلق أو الذعر المستمر الذي يحس به
الأفراد المصابين بهذا المرض أي هدف مفيد ، وذلك لأن هذه المشاعر في هذه
الحالة عادة لا تتعلق بمواقف الحياة الحقيقية أو المتوقعة . وبدلاً من أن
تعمل هذه المشاعر على دفع الشخص إلى التحرك والعمل المفيد ، فإنها يكون لها
تأثيرات مدمرة حيث تدمر العلاقات الاجتماعية مع الأصدقاء وأفراد العائلة
والزملاء في العمل فتقلل من إنتاجية العامل في عمله وتجعل تجربة الحياة
اليومية مرعبة بالنسبة للمريض منذ البداية . وإذا تُرك المرض بغير علاج ،
فيمكن حينئذ أن يحد عرض القلق المرضي من حركة الإنسان بشكل كامل أو أن
يدفعه إلى اتخاذ تدابير متطرفة مثل أن يرفض المريض أن يترك بيته أو تجنبه
المواقف التي قد تؤدي إلى زيادة قلقه.
ما هي نسبة مرض القلق في المجتمع؟
يعتبر مرض القلق من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا ، فهو يصيب حوالي واحد من
كل تسعة من الأفراد. ولحسن الحظ ، فإن هذا المرض يستجيب بشكل جيد للعلاج ،
ويحس معظم المرضى الذين يتلقون العلاج براحة كبيرة بعد العلاج . ولكن لسوء
الحظ، فإن الكثير من المرضى لا يسعوا للحصول على العلاج . وقد لا يعتبروا
الأعراض التي تصيبهم نوع من المرض ، أو قد يخافوا أن يوصموا بوصمة عار في
العمل أو في البيت أو وسط أصدقائهم بسبب المرض.
ما هي أعراض القلق (أعراض القلق المرضية)؟
أعراض القلق هي مجموعة من الأعراض النفسية تشمل :
* الرهاب (الخوف الغير منطقي)PHOBIAS
* عرض الذعر (الهلع) PANIC ATTACKS
* عرض الوسواس القهري
* عرض الضغط العصبي بعد الإصابات أو الحوادث
* عرض القلق العام
وتنشأ هذه الأمراض من تغيرات بيوكيميائية في الدماغ ، وكذلك من
الوراثة ، ومن التركيبة النفسية العامة للفرد ، ومن تجارب الحياة . ويتصف
كل مرض من أمراض القلق المرضي بمجموعة معينة من الأعراض ، كما هو الحال في
جميع الأمراض ، وتختلف شدة ومدة الأعراض باختلاف الأفراد . ويتميز القلق
بوجود أعراض نفسية وجسمانية . و تشمل المخاوف غير الحقيقية والذكريات التي
تفرض نفسها على شكل صور مرئية تظهر وتختفي بسرعة للتجارب الصعبة في حياة
الإنسان ، وكذلك حدوث بعض الوساوس المرتبطة بالنظافة مثل التكرار الدائم
لتصرفات تعتبر طقوس أكثر منها تصرفات معقولة مثل تكرار غسل الأيدي. وتشمل
الأعراض الجسمانية اضطرابات النوم وسرعة ضربات القلب وكأن المرء في سباق ،
وضيق النفس ، والإحساس بالهياج والحركة الدائمة ، وجفاف الفم ، والتنميل أو
الإحساس بالخدر أو الوخز بالذراعين والقدمين ، والمشكلات المعوية المعدية ،
والشد العضلي . وبالإضافة إلى ذلك ، قد يتزامن حدوث عرض من أعراض القلق
المرضي مع أمراض القلق الأخرى مثل الاكتئاب والأمراض النفسية الأخرى أو
الظروف الصحية الخاصة مثل إدمان الكحول أو تعاطي المخدرات . ولذلك يجب على
الأفراد الذين يعانون من أعراض القلق المرضي أن يزوروا طبيبًا نفسيًا أو
طبيبًا باطنيا للقيام بفحص طبي شامل لتشخيص حالتهم في وقت مبكر.
مرض الخوف الحاد (الذعر):PANIC DISORDER
يرتبط عرض الخوف المرضي بحدوث نوبات متكررة وغير متوقعة من الذعر، وحالات
مفاجئة من الخوف الطاغي من أن يكون المرء في خطر ما ويتزامن هذا الخوف مع
أربعة على الأقل من الأعراض التالية:
* زيادة ضربات القلب
* آلام في الصدر
* العرق
* الارتعاش أو الاهتزاز
* ضيق النفس ، الإحساس بأن المرء يختنق وأن هناك شيئًا يسد حلقه
* الغثيان وآلام المعدة
* الدوخة أو دوران الرأس
* الإحساس بأن الإنسان في عالم غير حقيقي أو أنه منفصل عن نفسه
* الخوف من فقدان السيطرة "الجنون" أو الموت
* التنميل، الإحساس بالبرد الشديد أو السخونة الشديدة في الأطراف.
ويمكن أن تصحب نوبات الذعر مختلف أنواع أعراض القلق المرضية وليس فقط أعراض
الذعر المرضي . وبسبب أن نوبات الذعر ترتفع بشكل غير متوقع وتحدث مصاحبة
لأعراض أمراض جسمانية تشبه أمراض القلب ، فإن الأشخاص الذين يعانون من عرض
الذعر المرضي عادة ما يتوهمون خطأ أنهم يعانون من مرض القلب.
وتحدث أعراض الذعر المرضية لأول مرة عادة في مرحلة المراهقة أو بداية مرحلة
النضج ويمكن أن تبدأ أيضًا في مرحلة الطفولة . ومن الملاحظ أن عدد النساء
اللاتي يعاني من هذه الحالة ضعف عدد الرجال ، وأن نسبة من 1% إلى 2% من
الأفراد يعانون سنويًا من هذا العرض المرضي . وتظهر الدراسات وجود تاريخ
مرضى داخل العائلة مما يشير إلى أن بعض الأشخاص قد يكونون أكثر ميلاً
للإصابة بهذا العرض المرضي من الآخرين.
ومثل بقية أمراض القلق ، يمكن لعرض الخوف المرضي أن يكون مزعجًا وأن يقعد
المرضى إذا لم يتم علاجهم بشكل مناسب . وبالإضافة إلى ذلك ، فإن معدلات
إدمان الكحول ومرض القولون العصبي ترتفع بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من
مرض الذعر المرضي عنها بالنسبة لمجموع الناس.
أعراض الرهاب (الخوف غير المبرر):PHOBIAS
الرهاب هو حالة من الخوف المستمر -غير المنطقي وغير القابل للسيطرة عليه
-من شيء ما أو موقف ما أو نشاط ما.
و في كل عام ، يعاني من 5% إلى 9% من الأفراد من نوع أو أكثر من أنواع
الرهاب . وتختلف أعراض الرهاب ما بين الحالات الخفيفة إلى الحالات الحادة .
وتعبر حالات الرهاب عن نفسها لأول مرة في الفترة ما بين سن 15 - 20 عامًا ،
على الرغم من أنها يمكن أن تحدث في بداية سن الطفولة. وتؤثر حالات الرهاب
على الأشخاص من الجنسين ومن مختلف الأعمار والأعراق والمستويات الاجتماعية.
ويمكن أن يكون الخوف الذي يحس به الأشخاص الذين يعانون من الخوف كبيرًا
إلى درجة أن الناس قد يفعلون أشياء كثيرة لتجنب مصدر خوفهم . وأحد ردود
الفعل المتطرفة للرهان هو نوبات الذعر المرضي.
وهناك ثلاثة أنواع من الرهاب:
1. الرهاب الخاص SPECIFIC PHOBIAS
و يتصف الرهاب الخاص بالخوف الشديد من شيء ما أو موقف ما -لا يعتبر ضارًا
في الحالات العادية مثل :
* الخوف من ركوب الطائرة أو سقوط الطائرة وتحطمها.
* الخوف من الكلاب حتى النوع الأليف منها.
* الخوف من العواصف أو أن يُصعق المرء بالبرق.
والأشخاص الذين يعانون من الرهاب الخاص يعرفون بأن خوفهم مبالغ فيه ،
ولكنهم لا يستطيعون التغلب على مشاعرهم . وبينما يخاف الأطفال عادة من
مواقف أو أشياء معينة، فإن تشخيص الرهاب يتم فقط عندما يصبح هذا الخوف
حائلاً دون القيام بالنشاطات اليومية مثل الذهاب للمدرسة أو العمل أو
الحياة المنزلية.
2- الرهاب الاجتماعيSOCIAL PHOBIA
ويتميز الرهاب الاجتماعي بالقلق الشديد والإحساس بعدم الارتياح المرتبط
بالخوف من الإحراج أو التحقير بواسطة الآخرين في مواقف تتطلب التصرف بطريقه
اجتماعية . ومن الأمثلة على المواقف التي تثير الرهاب الاجتماعي الخطابة
ومقابلة الناس والتعامل مع شخصيات السلطة والأكل في أماكن عامة أو استخدام
الحمامات العمومية . ومعظم الناس الذين يحسون بالرهان الاجتماعي يحاولون
تجنب المواقف التي تثير هذا الخوف أو يتحملون هذه المواقف وهم يشعرون
بالضغط العصبي الشديد . ويتم تشخيص الرهاب الاجتماعي إذا كان الخوف أو
التجنب يتدخلان بشكل كبير في روتين الحياة الطبيعية المتوقعة للشخص أو إذا
أصبح الرهاب يضايق المريض بشدة . وعلى سبيل المثال ، فإن الشخص الذي يخاف
من الخطابة العامة سوف تُشخص حالته على أنها حالة رهان اجتماعي إذا كان
الخوف يقعده عن الحركة والعمل أو إذا كانت الخطابة أحد النشاطات التي يجب
على الشخص القيام بتا باستمرار مثل خطيب المسجد ورجال العلاقات العامة.
3- الخوف من الأماكن الضيقة أو الواسعة: AGORAPHOBIA
و هو الخوف من التعرض لنوبة ذعر في مكان أو موقف يكون الهروب منه صعبًا أو
محرجًا. ويصبح القلق من التعرض لهذه الأماكن قويًا جدًا إلى درجة أنه يولد
نوبة ذعر حادة ، وعادة ما يتجنب الأشخاص المصابين بهذا النوع من الرهاب
التعرض للمواقف التي تسبب رعبهم . و يختلف هذا النوع من الخوف عن الرهاب
الاجتماعي-الذي ينحصر في المواقف الاجتماعية- بأن الخوف يحدث في مواقف
معينة مثل أن يكون المرء وحيدًا خارج منزله أو أن يكون المرء داخل زحام ،
أو أثناء السفر في سيارة أو حينما يكون المرء داخل مصعد أو فوق كوبري .
وإذا لم تتم معالجة هذا النوع من الرهاب ، فإنه يمكن أن يصبح مقعدًا إلى
درجة أن الأشخاص المصابين به يلزمون بيوتهم ولا يخرجون منها.