ما هي الأنانية؟
الأنانية هي الفردية الشرسة وحُب التمّلك والغيرة الجنونية التي تدفعُ
الإنسان إلى إرادة السيطرة على أملاك الغير بدون حق، فيدرج من الأنانية
أشياءٌ كثيرة منها حُب الاتكالية والاعتماد على الغير وإراحة النفس
والصُعود على أكتاف وظهور الآخرين بضمير ٍ ميت وبدون مُبالاة، والأنانية
أيضاً هي رغبة ٌ ذاتية للاستحواذ على حاجات الغير وتريده فقط لنفسها
وتحرّمه على غيرها فمثلا ً تجد بعضُ الدول همُها الاستيلاء على خيرات الدول
الفقيرة بدون حق ولا نعرف على أي أساس وتريدُ أن تحلل لنفسها كل شيء
وتمنعه على غيرها فهذه أنانية ٌ مؤكدة، ويندرج من الأنانية أيضاً الغرور
والتكبّر فالشخص الأناني يرى كل من حولهُ خدم ٌ وعبيد ٌ عنده وحُبه لذاته
لا يفوقهُ حُب أي شيء قال الإمام علي (عليه السلام) [ عجبتُ للمُتكبر الذي
كان بالأمس نطفة ً ويكونُ غداً جيفة ]، والأنانية أيضاً هي إتباع ُ الأهواء
الشيطانية بضر الآخرين والانتفاع الشخصي، والأنانية هي حُب النفس لدرجةٍ
جُنونية التي تصطحبها الشهوات واللذات والخيلاء وقلة الإيمان وعدم الشعور
بالآخرين، والأنانية تجّر الإنسان إلى الفساد ونحن نجد الفساد في العالم
كيف توسعت آفاقه ؟ كل ذلك بسبب الأنانية فصار القوي يأكل الضعيف بل يريد
القضاء عليه والسبب العنجهية والأنانية فنحن نرى كيف كان الطاغية الدكتاتور
صدام حسين أناني لدرجة كبيرة ؟ وكيف كان يقتل العلماء ؟ وحُبه للسلطة
وللقتل وهذا يعودُ لأنانيته وحُبه للعظمة لأن العظمة أحد الأمراض النفسية
المُندرجة من الأنانية، والأنانية هي حُب المالُ والجاهُ والسُلطة والصُعود
على الكراسي بأعلى المراكز بغير حق وكلُ هذا يعودُ لحُب النفس، والأنانية
هي أيضاً ملء ٌ للبُطون وجمع الثروات الطائلة بدون عناء ٍ وترك العناء
للغير، ويندرج من الأنانية أيضاً الحَسد قال الإمام علي (عليه السلام) [
رأسُ الرذائل الحَسد ] وحُب التسّلط الشخصي فالأناني إنسان لا يقبلُ
النصيحة والإرشاد من أحد لأنهُ يجد نفسه أفضلُ من كل الناس ولا أحدٍ مثلهُ
في الكون فكيف يستمع للنصح؟ قال الإمام علي (عليه السلام) [ من أستبّد
برأيه هلك ]، والأنانية أيضاً هي تمّتع وترّفه النفس على حِساب الآخرين
وعدم حُب الخير لأحد، ويندرج من الأنانية أيضاً الكره فمثلا ً الإنسان
الفاشل في الدراسة وألاناني في نفس الوقت ومفطورٌ على هذه الصفة وعندما يرى
غيره متفوقٌ يصاب بالغيرة الجنونية التي تدفعه للحسد والكره والحقد قال
الإمام علي (علي السلام) [ رأس العيوب الحقد ] لأنه لا يريد أن يرى أحداً
أفضل منه ومثلا ً عندما تغار المرأة على زوجها غيرة جنونية حتى من أهله سوف
تتحوّل إلى أنانية وحبٍ للتملك، والأنانية أيضاً هي حب النفس المطلق
بالتجرّد عن الضرر الذي سوف يقع للآخرين والتبرؤ منه سواءاً كان مادياً أو
نفسياً أو جسدياً فالأناني غير مبالي ٍ بأحد همُه نفسه، ويندرج من الأنانية
أيضاً الطمع والجشع قال الإمام علي (عليه السلام) [ الطمعُ رقٌ مؤبد وثمرة
ُ الطمع الشقاء ] ويندرج منها أيضاً الغيرة المُفرطة فمثلا ً الطفل الغيور
الكثير الحب لوالديه ولا يريد أحد مشاركته فيهم فنجده عندما يولد له أخاً
بعدها تبدأ الغيرة في نفسه فنجده في بعض الأحيان يضرب أخاه بدافع الغيرة
وهي غريزة في الطفل ولكن يجب على والديه تعويدهُ وتعليمه علي الحُب وعدم
الأنانية، والأنانية أيضاً هي الاحتِكار قال الإمـام علي (عليه السلام) [
الإيثار فضيلة والاحتكار رذيلة ] وأن الأناني لا يجُبُ الاعتراف بالخطأ
ويظن نفسه دائمُ الصواب ومن المعصومين عن الزلة وهو يجهل بأن الاعتراف
بالخطأ دليلٌ على احترام عقول الناس ولأن الأناني ليس لديه مُحرمات بل
يُحلل لنفسِه كل شي ما دامت مصلحتهُ موجودة، والأنانية هي مرضٌ نفسي يحتاج
للعلاج وهي أكبر سببٌ لأداء المُحرمات والأخطاء الشنيعة كما قيل (حُب النفس
رأسُ كلُ خطيئة)، والأنانية هي داءٌ مدّمر لصاحبه فالأناني لا يُحبُ أحداً
مشاركتهُ أي شيء بل يُحبُ أن يرى غيره يشقى وهو يرتاح ويُحب مصلحته ُ في
بعض الأحيان أكثر من أبنه ومصلحتهُ فوق كل مصلحة، والأنانية مـشتقة من [
الأنا ] والغرور وغالباً يكون الأناني شخصٌ غيرُ مريح وغيرُ مرغوب ٍ فيه في
أي مكان وخاصة ً في الأوساط الاجتماعية والعائلية فمثلا ً لنضرب مثال الأب
الأناني عندما يرّفه نفسه ويُمتعها على حِساب عائلته ويتناول ويتلذذ بأفضل
الأطعمة ويترك لعائلته بقايا طعامه باعتباره هو السيّد والآمر في المنزل
ومنزلتهُ في نظره الأعلى والشخص الذي يكثر الأسفار ولنزه ويتمتع نفسه
بالأجواء الهادئة وبالنقاهة ويترك عائلته بدون ذلك فهذه هي الأنانية في
الواقع وعدم عدل ٍ وإنصاف قال الإمــام علي (عليه السلام) [ صلاحُ الرعية
العدل ]، إن الأنانية هي من فخ الشيطان ومن مكائد النفس الأمارة بالسوء لأن
أخطر شر في هذه الدنيا هو شرُ شيطان النفس لأن كل أعناقنا بيده قال الإمام
علي (عليه السلام) [ ظلم نفسه من عصى الله وأطاع الشيطان ]، والأنانية هي
أساسُ كلُ بلاء ٍ يُصيبُ الإنسان ونحنُ لا ننكر أن لا أحد في هذه الدنيا لا
يُجب نفسه ويسعى جاهداً لتحقق أهدافه ومآربه وُطموحه ولكن ليس بخصلة
الأنانية والكره والمصلحة الفردية وعلى حساب المجتمع فالأناني شخصٌ مستقبل
قليل الصُحبة آخذ ٌ وغير قابل للبذل والعطاء ويصعب التعامُل معه ورضاهُ من
الصُعوبات فالأناني شخصٌ غير آبه بخراب البيوت وتفكك الأسَر والأمم ولا
يُريد غيرهُ سعيد وغير مضّحي ويُبالغ في مدح نفسه وإظهار مهاراته
وابتكاراته حتى لو بالكذب فالأناني تندرج منه عادة النفاق والبُخل والتمرّد
والاستعباد والطغيان على الناس وليس منه رجاءاً للإيثار، والأنانية هي
الأخذ والانتفاع بشكل ٍ واسع وعدم العطاء سواءاً كان عطاءً مادياً أو
معنوياً قال أحدهم عن الأناني بأنه لا يهتم إذا احترقت كل بيوت جيرانه لأجل
سلق بيضةٍ يأكلها ويهنئ بها فالأناني عادته نكرانُ الفضل والمعروف وعديمٌ
للأحاسيس وإنسان ٌ مُجردٌ من الحياء وبين لنا ذلك رسولُ الله (صلى الله
عليه وآله وسلم) عنـدما قال [ أتدرون ما المفلس ] قالوا : المفلس فينا من
لا درهم له ولا متاع. فقال : [ إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة
وزكاة ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل ما هذا، وسفك دم هذا وضرب هذا،
فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار] صدق الرسول الكريم.